بحث هذه المدونة الإلكترونية

التقاعد المبكر

التقاعد المبكر


بحكم السن والظروف الصحية وأحياناً الأسرية يُجبر الإنسان على التقاعد.. أما التقاعد الآخر فهو اختياري.. فعندما تتوفر لدى الفرد الإمكانية المادية للتقاعد مبكراً فلا يتردد.. خصوصاً إذا كانت ظروف العمل سيئة.. ومن هذه الظروف:
-       العلاقات السيئة مع الرئيس.
-       وجود مطالب غير واقعية في العمل.
-       الوظيفة والمهام أقل من مستوى وإمكانات الموظف.
-       التجاهل التام في الترقيات.
-       روتينية العمل وعدم الاستمتاع به.
-       انعدام أخلاقيات المهنة وغيرها من الأسباب حسب تقدير كل فرد التي تجعل من العمل أمراً صعب تحمله.

التأكد قبل التفكير بالتقاعد المبكر من أن ظروف العمل السيئة ليست مؤقتة.. وهي غير قابلة للإصلاح.



وفي المقابل هناك أسباب حاصة تدفع بعض الأفراد للتمسك بالعمل منها:
-       أن يكون العمل مصدر تحد وحماسة في حياة الفرد.. ويشعر من خلال إنجازاته بتحقيق الذات.
-       أن تكون العوائد المادية من العمل عالية ومرضية.
-       أن يكون لدى الفرد زملاء يثق بهم ويشعر بالانتماء لهم ويجد صعوبة في مفارقتهم.

إلا أن للتقاعد المبكر مزايا فهو يوفر فرص عمل كثيرة للشباب.. وبالتالي تقل البطالة التي هي من أهم الكوارث الاجتماعية.. وتزدهر الإدارات ووحدات العمل بالعقول الشابة الجديدة المتحمسة والقادرة على التغيير والإبداع.. وتشجع بعض الدول مواطنيها على التقاعد المبكر نسبياً ( عند استكمال مدة الخدمة المطلوبة وليس بلوغ سن التقاعد ) وذلك لإتاحة المجال للدماء الجديدة الدخول لمسرح العمل.

كما يحسن التفكير بالتقاعد المبكر الوعي الاستثماري لدى الأفراد.. فإذا علم الناس أنهم سوف يتقاعدون مبكراً سيلجؤون للادخار وينبذون الإسراف ويستثمرون مدخراتهم.. وهذا يحسن الاوضاع الاقتصادية في البلاد بشكل عام.
  
جوانب لابد من مراعاتها
عند التفكير بالتقاعد المبكر

التقاعد المبكر أفضل حل لمن ليس سعيداً في وظيفته.. لكنه يحتاج إلى تخطيط مبكر.. يشمل هذا التخطيط جوانب عدة مرتبطة بالإمكانات المادية ووجود ما يشغل الوقت والاستمتاع بالحياة.

1.    الإمكانات المادية
التقاعد المبكر فكرة ممتازة لمن نجح في تكوين دخل ثابت إضافي يغطي مصاريفه ويواجه التزاماته المالية.. ويأتي خيار التقاعد المبكر بعد أن يكون الإنسان قد وفر لنفسه وعائلته ما يحفظ لهم كرامة العيش.. فالوضع المالي السيء أهم معوقات التفكير بالتقاعد المبكر.. لأنه ببساطه لا يمكن الاقدام عليه وهناك ديون ولا يملك الفرد المقومات المادية الأساسية كالمسكن.

لذا لابد من البدء سريعاً في توفير المال.. قد يظن البعض بان الوقت مبكراً على التخطيط للتقاعد.. بينما كلما صغر سن الفرد كان ذلك أفضل.. سيتيح له متسع أكبر من الوقت للتوفير.



تبدء خطة للتوفير من أجل التقاعد بتسديد الديون وأية اقساط مستحقة بأسرع وقت ممكن.. لكي لا تتراكم هذه الديون لاحقاً عندما يصبح دخل المتقاعد محدوداً.. وسيشعره ذلك بالأمان المالي.. والجزء الآخر في خطة التوفير هي تقليل المصروفات " خصوصاً الإضافية من الكماليات والماركات " أي المصروفات غير الضرورية التي غالباً ما تهدف للمباهاة أمام الآخرين بامتلاك الأغلى..  وهذا لا يعني دعوة للبخل والحرمان وعدم الاستمتاع بالحياة.

والجزء التالي من الخطة هي الاشتراك بخطط مختلفة من التوفير.. أنظر صفحة المال والتقاعد في هذه المدونة لمعرفة تفاصيل أكثر عن تلك الخطط.. فكلما تنوعت الخطط ضمن المتقاعد أكثر شبكة الأمان المالي.

وأخيراً يفضل التشاور مع متخصص مالي جيد من العاملين في البنوك أو شركات الاستثمار الذي يمتلك المعرفة بهذا المجال.. ليساعد في تحديد كيفية معالجة ضائقة مالية أن وجدت وفي تسديد الديون وكذلك اختيار الاستثمار في الأماكن المناسبة.. الكثير من المتخصصين الماليين يحصلون على دخلهم من الشركات والبنوك التي يعملون بها.. لذلك قد لا يستدعي دفع أية أتعاب عند استشارتهم.. وإذا كان الحصول على متخصص متعذراً فهناك ارشادات عامة في العديد من مواقع الانترنت.
  
ومن الأفضل أن يكون للمتقاعد دخل مستمر وليس مبلغ من المال وأن كان كبيراَ.. لأنه قد لا يكفي إذا لم يكن ماله مستثمراً ويدر عليه دخلاً منتظماً.


الخطوات المالية السبع
للتقاعد المبكر




العمل يمثل مصدر رزق لمعظم الناس.. ويمكن لهؤلاء التقاعد في الوقت الذي يتوفر لهم المال.. حيث لم يعد المال الهدف الوحيد الذي من أجله يعملون.. لذا فأن الخطوات التالية تركز أساساً على ترتيب الجوانب المالية التي تمهد الطريق للتقاعد المبكر للذين يعتبرون العمل مصدر احباط وضغط نفسي وعدم رضا:


الخطوة الأولى: تقييم وضعك المادي
التقييم يتم عن طريق تحديد ما تملك بعد خصم ديونك والتزاماتك.

الخطوة الثانية: مراقبة ومتابعة مصروفاتك
حدد أين يتم صرف فلوسك.. بعد المراقبة والمتابعة ستجد بان هناك فرص كثيرة لتقليل من المصروفات.. حدد معدل الصرف اليومي بناء على تدوين المصاريف لمدة ثلاث أشهر أو حتى لسنة.

 الخطوة الثالثة: وفر .. ووفر أكثر
بسيطرتك على مصروفاتك يمكنك توفير أكثر.. والهدف هو توفير من 10% الى 15% من دخلك.

الخطوة الرابعة: أستثمر بذكاء
الفوائض المالية التي توفرها ضعها في استثمارات قليلة المخاطر.. ولا تغامر من أجل ربح أكبر وأسرع.

 الخطوة الخامسة: التخلص من الضغوطات
قد تكون هناك ضغوطات من الاصدقاء والأهل والمجتمع ككل.. لشراء حاجات معينة أو ماركات عالمية ربما تخدم مظاهر اجتماعية خاصة.. أو لصرف أموال لأخذ احتياطات لا داعي لها ولا تمثل لك ضرورة.. لذلك لا يفضل الخضوع لمثل تلك الضغوطات.

الخطوة السادسة: اختار أسلوب الحياة البسيطة
لا يعني التوفير هو الحرمان.. لكن الأشياء التي ليس لها قيمة مضافة في حياتك يمكنك الاستغناء عنها.

 الخطوة السابعة: حافظ على تركيزك وهدفك
عندما تحيد قليلاً عن مسارك وتصرف أكثر.. فهذا يعني بأنك تؤجل قدرتك على التقاعد في الوقت الذي خططت له.. لذا لا تزيد في مصروفاتك إلا إذا كنت مضطراً.



وبعد أن يعد الفرد محفظته المالية للتقاعد.. عليه التفكير لإعداد محفظته النفسية.. والتفكير هنا يتركز على أنه لا يترك شيئاً.. بل ليبدأ شيئاً جديداً في حياته.  
2.    وجود ما يشغل الوقت
أن أكثر ما يشغل وقت الإنسان هو العمل.. فالشخص الذي أختار التقاعد المبكر يعني أنه لا زال صغيراً في السن نسبياً.. ولا زال يتمتع بصحة جيدة يستطيع معها العطاء ويمكنه أن يبقى منتجاً لسنوات عديدة بعد أن يتقاعد.. خصوصاً وأن الدراسات الإحصائية تبين بان معظم الناس تعيش لسنوات أطول.. وعليه يمكنه التفكير في الاستمرار بعمل ما.. سواء كان ذلك العمل لطوال الوقت أو لبعض الوقت لدى الغير.. أو أن يكون له مشروعه الخاص به أو يشترك بمشروع مع الآخرين.

اختيار المتقاعد لعمل آخر طوال الوقت ربما يكون الراتب أقل من الذي كان يتقاضاه.. لكنه يتلاءم مع رغبته وميوله ويستثمر طاقاته ومواهبه.. كما يمكنه اختيار العمل لبعض الوقت والاستمتاع بالوقت الإضافي.. فالعمل لبعض الوقت يحول الفرد لشبه متقاعد.. وكأنه ينتقل على مراحل للتقاعد التام من العمل.


ويمكن للمتقاعد أن يختار البدء بمشروع خاص به.. فيستغل أحدى مهاراته وهوايته في مجال ما ويحولها إلى مشروع صغير.. يجني من وراءه المال وفي نفس الوقت يستثمر وقته.. أو أن يشترك مع صديق أو مع احد ابناءه بمشروع خاص.. إذا كانت مهاراته تكون جزء من مشروع أو لا يمتلك الإمكانات المادية الكافية التي تؤهله ليكون لديه مشروعه المستقل.


3.    التفرغ للاستمتاع بالحياة

للتقاعد المبكر بهجة.. ومن مباهجه الإحساس التام بالحرية والتخلص من الدوام والاجتماعات المكررة واضطرار البعض لمسح الجوخ للرؤساء.. أن التقاعد المبكر هو عتق من الالتزامات الوظيفة السيئة.. ويتيح التقاعد للمتقاعد قضاء وقت أطول مع أسرته ومع من يحب من أصدقاءه وأصحابه.. والاستمتاع بالأنشطة والهوايات وطيبات الحياة.



إلا انه في حالة لم ينظم الفرد حياته خارج العمل سيكتشف أن العمل السيئ أو بمشاكله أفضل من اللا عمل والفراغ القاتل.. وفي كل الأحوال عليه التفكير والاستعداد للتقاعد.


تتضح أهمية التفكير بالتقاعد المبكر بالنسبة للميسور مادياً هي في كيفية تنظيم حياته.. وإلا ستكون عرضة للفوضى والفراغ والملل.. وقد تصل به إلى حد اليأس.. أما لغير الميسور فتتبين أهميته في تأمين حياة كريمة مادياً.. ففي وقت التقاعد ليس من السهولة أن يكسب فيه المتقاعد أموالاً إضافية.. وبذلك سيكون عرضة للحاجة.. والحاجة تمس كرامة الإنسان.. والمتقاعد لا يود ان يعرض كرامته في مثل السن للأذى والأهانة.


خلاصة التقاعد المبكر


التقاعد المبكر يعتبر حلماً للكثيرين.. خصوصاً لأولئك الذين لا يحبون عملهم ويحسون بأنهم مجبورين عليه.. ولا يطيقون التزاماته وضغوطاته.. ومتخذ قرار التقاعد المبكر شخص يتمتع بالجرأة لأخذه زمام المبادرة في حياته.. بدلاً من ترك الزمن والقوانين تفرض القرار عليه.. لكن بدون التفكير فيه والتخطيط والاستعداد له والالتزام بمتطلباته في وقت مبكر بما فيه الكفاية.. قد يصبح حلماً مستحيلاً ويكون خطوة خطيرة ومدمرة للفرد.. لأن السن المبكرة في التقاعد لا يكفيها فقط توفر المال بل أيضا وجود ما يشغل المرء ويسعده ويرضيه.



بلغ عدد متصفحي مدونة التقاعد والاستعداد له حتى تاريخ 13 – 11 - 2022
51137 متصفحاً



للمدون رواية بعنوان (لا تنقصني سوى الأغلال) يمكن قراءتها بالضغط هنا

هناك 6 تعليقات:

  1. فتح الله عليك وافادك اكثر

    ردحذف
  2. بارك الله فيك

    ردحذف
  3. جميل جدا خطط هادفه نتمنى للجميع التوفيق

    ردحذف
  4. تلميحات مفيدة اشكر الكاتب

    ردحذف
  5. فعلا التخطيط السليم هو اهم خطوه لمن أراد التقاعد المبكر لأن اللذين تعودوا العمل والعطاء اذا لم يكن من ضمن خطط مابعد التقاعد مايملأ الفراغ بما يسعد فسوف يكون عرضه الوحده والفراغ القاتل

    ردحذف