بحث هذه المدونة الإلكترونية

هدفا يملئ به المتقاعد الفراغ ويشعره بأهميته

 
يحدد المتقاعد هدفاً له
 يملئ به الفراغ ويشعره بأهميته

امتلاك هدف في خارج نطاق العمل ممكن أن يكون مسألة حياة أو موت.. فلا يعيش الناس طويلاً دون هدف في الحياة.. كمحرك لطاقتهم الإنسانية.. لذلك في حالة خسارة العمل عليهم أن يحصلوا على محرك لتلك الطاقة من مصدر آخر.


ماذا أفعل بعد التقاعد

سؤال ليس من البساطة الأجابة عليه.. هل أبدء بالبحث عن وظيفة! أو أمارس عملاً حراً أو أفتح مشروعاً تجارياً.. وكم سيكلف وهل سأنجح! أو أتطوع في عمل خيري!..  أو أكتفي بالمعاش التقاعدي وأعيش حياة تملؤها الراحة التامة بعيداً عن أي التزام!..  أو لا أفعل شيء واتصرف مع كل أمر بحدث في حينه!.. ماذا يمكنني أن أفعل!!!.. أسئلة كثيرة محيرة يرددها المقبل على التقاعد.. أسئلة يفترض بالفرد أنه سألها لنفسه أو فكر فيها منذ مدة طويلة.. حتى تكون لديه الإجابة عليها عندما يحين وقت التقاعد لتجعله أكثر استعداداً لمواجهة مرحلة يدرك الكثيرون مدى صعوبتها.

الكثير من الناس يعرفون ما عليهم القيام به في العمل فلديهم مسئوليات وواجبات لابد من تنفيذها.. أن تواجدهم في العمل بحد ذاته جعل لهم دورأ في الحياة مهما صغر أو كبر.. المهم أنه دور له مسئوليات وواجبات.. ولكن حين يتقاعدوا ويحصلون على مساحة أكبر من الحرية يجدون أنفسهم في ضياع.. وحرية بدون هدف تجعل حياة المتقاعد تفتقد الإثارة والمتعة.. ويخسر معها إحساسه بقيمته وأهميته.


بعض المتعلمين وأصحاب المهن العالية جعلوا من طبيعة علمهم عبء عليهم.. فلا ترضيهم الأهداف البسيطة بعد أن يتقاعدوا.. يريدون أهدافأً لا تقل عما كانت عليه من الأهمية.. في حين غير المتعلم قد يجد الرضا في الأمور البسيطة ولا يضره تكرار القيام بها بعد التقاعد.

الهدف لابد أن يرتبط برغبة الفرد وقدرته.. وألا يكون هذا الهدف مبالغ فيه وغير واقعي.. فعدم التمكن من تحقيقه سيشعره بالإحباط والفشل.. ولا يعني وجود هدف في حياة الإنسان أن يكون هذا الهدف عظيماً أو اختراعاً يغير حياة البشرية.. فتغيير أشياء بسيطة قد تعتبر تغيرات مهمة بالنسبة له.. وان يستمتع بكل ما يراه ويملكه ويعمله سواء كان ذلك وجبة طعام جيدة.. تجمع عائلي.. رحلة قصيرة.. باختصار يعيش اللحظة ويستمتع بالطبيعة حوله ما أمكن مهما كان ذلك الاستمتاع صغيراً.


عندما يحدد المرء هدفاً يتحمل المسئولية في السعي لتحقيقه أن كان جاداً.. ويتقبل بعض من التضحية والصدمات أن وجدت في طريقه.. وفي نفس الوقت عليه أن يكون متفائلاً ساعياً لكسب ود الآخرين.. وأن يحول الصالح من كل ما يرى ويسمع ويقرأ إلى كيانه ليصبح جزءاً منه.. كما تحول الشجر النور والهواء وعناصر التراب إلى أفرع وإزهار وأثمار.  

  

البعض يريد النجاح في أمر لمجرد أن المقربين منه نجحوا فيه.. ويحاول إثبات بأنه لا يقل عنهم كفاءة أو مقدرة.. فما أن يرى تكريم فنان أو رسام أو موسيقي.. أو أي مشهور.. ليجعل من الرسم أو الموسيقى هدفاً له.. طامعاً بالتكريم والشهرة.. لكنه سرعان ما يتراجع عن هدفه بعد فترة لأنه لم يهتم فعلاً بالفن أو الموسيقى.. وكل ما فعله مضيعة للوقت والجهد. 


 أختلاف أهداف الأفراد
في مرحلة التقاعد باختلاف شخصياتهم

 المواصلون 
هم الذين يستمرون على أسلوب حياتهم دون تغيير أو رغبة فيه. لا أهداف جديدة لحياتهم يبحثون عنها

المغامرون 
هم الذين يسعون لبدء حياة جديدة كلياً. أهداف جديدة فيها الكثير من المغامرة

الباحثون 
هم الذين يحاولون استكشاف خيارات جديدة لأسلوب حياتهم من خلال التجربة والخطأ. يحاولون إيجاد بدائل لأهداف حياتهم

المسايرون 
هم الذين يقضون أوقاتهم دون انتظام.. ويتعاملون بتلقائية مع ما يجلب لهم كل يوم من أحداث. أهدافهم تصنعها الأيام

المتفرجون 
هم الذين يشاهدون ويهتمون ما يحدث في العالم.. لكن نشاطهم الشخصي قليل. أهدفهم منحصرة في متابعة ما يجري بالحياة

المنسحبون 
هم الذين لا ينسجمون ولا يتفاعلون مع كل ما يحدث في الحياة حولهم. لا أهداف لهم.. فهم محبطون بسبب التقاعد


تحديد الهدف يتطلب أمتلاك رؤية

تحديد هدف يتطلب رؤية.. بهذه الرؤية يتصور الفرد كيف سيكون وضعه عند الوصول إلى هدفه وتحقيقه.. ولابد للرؤية أن تكون متفائلة لتثير حياة الفرد.. ومرنة تتكيف مع تغير أفكاره وتغير في ظروفه.. فالإنسان يملك عقلاً وقدمين.. يمكنه أختيار أتجاه سيره.. ويتحمل وحده نتيجة أختياره.
 


وهناك فرق بين الأمنية والهدف.. فالأمنية هي فكرة بدون موعد لتطبيقها.. بينما الهدف مسار مرتبط بزمن معين.. يوفر الفرد له كل المقومات والامكانات المتاحة له في كل خطوة من خطواته للوصول إلى الهدف بالجهد والمثابرة.
 

الرؤية نوعان بعيدة وقريبة. يمكن تشبيه الرؤية القريبة بأنها تلك التي تطلب من الفرد أن يرى أين يضع قدميه وهو سائر إلى هدفه البعيد لكي لا يقع في حفرة أو يصدم صخرة.. أم الرؤية البعيدة فهي تلك التي تطلب منه التطلع من وقت إلى آخر أثناء سيره إلى هدفه البعيد ليتأكد بأنه لم ينحرف عن مساره.
 
 وهناك مثال لجعل ما يقوم به المرء ذو معنى.. فقد تم طرح سؤال على عمال ثلاث يحملون الطابوق ماذا يفعلون؟
أجاب الأول متذمراً: بأنه " ينقل الطابوق اللعين من هذا المكان إلى ذاك المكان".
وأجاب الثاني دون حماس: بأنه " ينفذ أوامر رئيسه بنقل الطابوق إلى المكان الذي حدده ".
 بينما قال الثالث: بأنه " يساهم في بناء مستشفى".

وجواب العامل الثالث يدل على أنه يرى هدفاً نتيجة لعمله مهما كان هذا العمل بسيط.

الخوف من التغيير
عندما تتكون شخصية الفرد تأخذه في مسار في معظم الأحيان لا يحيد عنه.. تجده يقوم بنفس الأفعال مرة تلو الأخرى.. قد يتوقف البعض ليراجع نفسه.. ويحاول أن يغير المسار.. لكن القليل جداً استطاع فعلاً التغيير.. فعلى الرغم من توفر خيارات أمام الإنسان.. لكننا نجده في معظم الاحيان أسيراً ما اعتاد عليه.. لكونها منطقة الأمان التي يتمسك بها خوفاً من الفشل.

أن أكثر ما يعيق المتقاعد ليخلق أهداف جديدة ويمتنع عن الخوض في أية تجربة جديدة هو الخوف من التغيير.. فالعادة تستعبد الإنسان.. والناس تأنس إلى ما اعتادت عليه وتخاف ما تجهل.. لذلك تقاوم التغيير لأن نتائجه غير مضمونة وقد يسبب لها الألم.. وبالأخص المتقاعد الذي يتصور بأنه لم يبقى من العمر ما يتحمل تجارب جديدة.

المشككون بالتغيير يريدون برهاناً أولاً على أنه جدير باتخاذه.. وآخرون يرغبون بالتغيير لكنهم مضطربون ومترددون بشان أهمية التغيير ولا يعرفون من أين يبدئون.


ويمكن التغلب على الخوف من التغيير.. بأن يبدأ المرء بتغيير الأشياء البسيطة التي تعود عليها ولن تؤثر على حياته أن تغيرت " كتغيير طريق عودته لبيته.. أو تغيير أول شيء يفعله في الصباح.. وهكذا " كما يمكنه أن يجمع معلومات كافية عن أي مسار جديد يختاره في حياته سواء كان ذلك عمل أو مشروع أو هواية.. فالمعرفة ستمنحه الشجاعة وتساعده في التغلب على الخوف من التغيير.. فالأمر الذي كان مجهولاً لم يعد كذلك.

وعلى أية حال ليس كل ما يلمع ذهباً.. قد تبدو بعض الأمور جميلة وجذابة ومشوقة.. لكنها سرعان ما تكشف عن نفسها ونجدها ليست سوى ركض مهلك وراء السراب وضياع للوقت والجهد واستهلاك للأعصاب.

أمثلة من الأهداف التي قد يسعى لها المتقاعد
  الأمثلة التالية وغيرها من الأهداف تعتمد على ما سبق وأن ذكرناه في تحديد ما يريد المتقاعد وكيف يمكن الوصول إليه بما يلاءم ظروفه وصحته:
-       الاستمرار بالعمل الحالي أو بعمل مشابه له.. سواء بدوام كامل أو بدوام جزئي إذا كان ممكناً.
-       العمل في مجال معين كان راغباً به ولم يستطع.
-   مواصلة دراسته في مجال تخصصه أو في مجال آخر كان راغباً فيه " أصبح يدراك معنى الأشياء.. حيث التعلم من اجل المعرفة وليس من اجل الشهادة".
-       يصبح كاتب قصة قصيرة / رواية / مقالة / سيناريو.. أو رساماً أو مدرباً رياضياً وغيرها.
-       يصبح حافظ للقرآن.. ويكون متعمقاً بدينه
-       مساعدة أبناءه أو احدهم  في مشروعه الشخصي
-       يصبح عضواً فعالاً في جمعية خيرية أو نفع عام
-       يكون له مشروعه الخاص: صاحب مزرعة/ مكتبة / مدرسة / محل زهور أو أي مشروع آخر.

مشروع صغير لمتقاعد
يشعر كثير من المتقاعدين بالقلق والرهبة عند بدء التفكير في تنفيذ مشروع صغير خاص بهمّ.. فالخوف من الفشل هو هاجسهم الأكبر.. وهذا أمر طبيعي للغاية.. إلا أن الفرد الذكي يتخذ من هذا القلق دافعاً لتحقيق ما يتطلع له.. ولكي يتحقق مشروع ناجح لابد من تجنب المعوقات والتعرف على أسباب النجاح وكيفيّة الوصول إليها.
يعتمد نجاح أي مشروع على مدى دراية ومرونة وإصرار صاحبه على النّجاح.. كما أن الوقت الذي يمنحه للتفكير والتخطيط يلعب دوراً كبيراً في نجاحه.. وعادةً تحتاج المشاريع الصغيرة على الأقل مدة ستة أشهر من التخطيط قبل الإقدام على التنفيذ.. ويمكن استشارة الأصدقاء ليبدوا رأياً بما تجيد القيام به وما يمكن تجنبه.
تجنب الاعتقادات الخاطئة
·        الاعتقاد بأن تمويل المشروع هو بالأمر السهل.. لكن غالباً ما يكون نقص رأس المال السبب الأرجح في الفشل.
·        الاعتقاد بأن المشروع سيدر بسرعة الدّخل المتوقع منه.. فمعظم المشاريع تحتاج من ستة أشهر إلى سنة.. حتى تدر عائداً مقبولاً يساهم في تغطية المصاريف الأولية.. ومن ثم تأتي الأرباح.. وفي كل الأحوال لن تصبح ثرياً بسرعة.. أن قصص الثراء السريع غالباً ما تكون نادرة الحدوث.
·        الاعتقاد بأن الناس سيشاركونك نفس الذوق أو الهواية التي يتبناها مشروعك.. وأن لديهم الاستعداد لأنفاق أموالهم عليه.. يحتاج للبحث والدراسة قبل التعميم المسبق لأفكارك.
·        لن تكون رئيس نفسك كما تعتقد.. فالمشروع وعملاؤه سيكونون رؤساءك الجدد.. بدلاً من رؤسائك في الوظيفة قبل التقاعد.
الخطوات التي تساعد على تحقيق النجاح لمشروع صغير
1.    البدء في تجميع وتنظيم الأفكار.. وذلك يتضمن جمع المعلومات اللازمة وكافة الاحتمالات والفرضيات المتعلقة بالمشروع والإلمام الكامل بمتطلباته.. والتأكد أن فكرة المشروع واضحة ومناسبة.. وضمن مجال خبرة المتقاعد وتتلاءم مع سنه وصحته واهتماماته.. وتأخذ بالاعتبار دخله ووقته وارتباطاته الأسرية والاجتماعية.. لذلك ينصح الخبراء بوضع خطة عمل ودراسة جدوى وميزانية تضم جميع أجزاء المشروع.
2.    التأكد من مدى عملية المشروع وقابليته للتطبيق والنمو.. ومن المهم أن يكون للمشروع فرصة سانحة في السوق.. والأهم هو عدم الاقدام على أي قرار متسرع.
3.    تحديد الهدف المادي من المشروع.. فلا تعطي وقتاً وجهداً دون مقابل.
4.    اختيار اسم المشروع.. بحيث يكون الاسم مميزاً ووصفياً ليثبّت في أذهان الناس ويؤثر على نجاحه.
5.    تحديد موقعً مناسب للمشروع.. واستكمال شكله القانوني.. بالاعتماد على الاستشارات المتخصصة.
6.    إعداد خطة تسويقية وترويجية التي تساعد على معرفة طرق إيجاد العملاء المحتملين والحفاظ عليهم.. وتحديد طرق الدعاية والإعلان.. وكيفية ضمان وصول المنتج أو الخدمة إلى أكبر عدد ممكن من الناس.. واستغلال تقنية المعلومات الحديثة في ذلك بكل ما فيها من وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة.
7.    التعرف على المنافسين.. ومراجعة إعلاناتهم والاحتفاظ بها.. وبأخبار صفقاتهم المالية وتحليل اسعارهم ومستوى منتجاتهم وخدماتهم.

بعد افتتاح المشروع
ستكون البداية والشهور الأولى هي الأصعب.. ولكي تمر هذه الفترة بنجاح.. لابد من التركيز على الخطط التي وضعت وتنظيم الوقت.. وتخصيص وقتاً للنفس وللأسرة لكي يتم تفادي الضغط العصبي.. ومراجعة كل ما تم ومقارنته مع الأداء.. وتحديث الأفكار عند الحاجة.
وفي كل الأحوال والظروف لابد من الاستمتاع بالوقت.. فأحد مقاييس نجاح المشروع الصغير.. هو الإحساس بالإثارة والفرح عند نجاحه ونموه.. بغض النظر عن الصعوبات التي واجهتها والجهود التي بذلتها.. وتجنب الاستسلام في حالة الفشل وعدم التوقف عن محاولة انجاحه.
ولندرك بأن الكثيرً من أصحاب المشاريع الناجحة فشلوا أكثر من مرة.. قبل أن يحققوا النجاح.
يوجد في الانترنت أفكار عديدة لمشاريع صغيرة.. يمكن للمتقاعد الاختيار فيما بينها.. أن لم تكن لديه فكرة مسبقة خاصة به.




بلغ عدد متصفحي مدونة التقاعد والاستعداد له حتى تاريخ 13 – 11 - 2022
51137 متصفحاً