بحث هذه المدونة الإلكترونية

إسعاد النفس دون الحاجه للأخرين


إسعاد النفس دون الحاجة للآخرين

 كون الإنسان وحيداً.. لا يعني أنه يعيش في وحده..
 فهو يستطيع أن يكون صديقاً لنفسه.. وسيجد الكثير ليفعله لوحده. 

من معرفة الإنسان لنفسه تنشئ علاقته بذاته.. وهي من أهم العلاقات التي على أساسها تتحدد علاقته بعالمه الخارجي كما بينا في الصفحة الخاصة بمعرفة المتقاعد لذاته.. وتلك العلاقة يحتاجها خصوصاً في الأوقات التي يكون فيها وحيداً.. فمهما امتلك المتقاعد من أقرباء وأصدقاء ومعارف لن يكونوا متاحين له دائماً.

أيقضي مثل هذه الأوقات في ملل وضجر وخمول؟.. أم عليه المحاولة أن يجعل منها أوقات يستمتع بها هي أيضاً كما يستمتع بوجود الآخرين.. ولكي يستمتع لابد أن تكون لديه الاستطاعة للاستفادة منها.. وهو ما يسمى" الطاقة الذاتية   Self Esteem".. بينما الذين لا يملكون طاقة ذاتية كافية ليسعدوا أنفسهم سينتظرونها أن تأتيهم من الآخرين.


لا يمكن أن يربح الفرد كل ما حوله ويخسر نفسه.. فقد يدعو الإنسان الملل ليدخل حياته.. ثم يلقي باللوم على الوحدة ويعتبرها المسئولة عن جلب هذا الملل كما قد ظن.. لكن لا احد يستطيع مساعدته ويخلصه من ما هو فيه سوى نفسه.. فلو فكر بطريقة ايجابية ومبدعة في نظرته للوحدة.. لأدرك بأنها تساعده للقيام بأشياء لا يستطيع القيام بها ومن حوله الآخرين.


وبهذا الإدراك سوف يجد الإنسان أن بإمكانه ممارسة العديد من الأنشطة لوحده والاستمتاع بها بما يتلاءم مع ما يمليه عليه مزاجه في تلك الأثناء.. وهذه الأنشطة مفصلة وموضحة في فصل اختيار المتقاعد لأنشطة مناسبة لشخصيته.. ويمكنه الاختيار ما يهوى منها:

§        القراءة. يمكنه قراءة القرآن أو الكتب أو الصحف أو المجلات ورسائل نصية من هاتفه النقال.

§   الكتابة. يمكنه كتابة الشعر أو المقالات أو الخواطر أو التعقيب على الآراء المطروحة في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها

§        ممارسة الرياضة. كرياضة المشي فهي رياضة خفيفة تحرك الدورة الدموية وتريح النفس وتبني علاقة إيجابية مع الذات

§        استخدام الحاسب الآلي. كتصفح الانترنت أو حتى التسلية بإحدى الألعاب الالكترونية الذهنية وغيرها

§   الانشغال بالهاتف النقال. كمعرفة مع من لم يتواصل منذ مدة " فقد أصبح بإمكان الهاتف النقال أن يشغل الإنسان ليس فقط عن كل ما حوله بل عن العالم بأسره "


§   ممارسة هواية. كالرسم أو النحت أو اليوغا وغيرها من الهوايات التي لا تتطلب وجود الآخرين.. أو حتى تعلم هواية جديدة

§   المشاهدة. متابعة برنامج تلفزيوني معين يتطلب التركيز منه ولكون الآخرون قد لا يشاطرونه الرغبة في مشاهدته.. أو مشاهدة الأفلام أو المباريات الرياضية.

§        الأستماع. إلى تلاوة القرآن أو لدعاء أو لموسيقى كلاسيكية أو لأغنيته المفضلة وهكذا.

§        التعلم. محاولة تعلم شيئا جديداً كاستخدام أجهزة الكترونية تملكها حديثاً.. أو تعلم لغة أخرى وغيرها.

§        إصلاح. أي عطل في البيت.. أو دعوة متخصص لإصلاحه ومتابعته.

§   الخروج. إذا لم يكن في البيت ما يكفي للترويح عن النفس.. أو المزاج غير ملائم للبقاء فيه.. فيمكن الخروج الذهاب للتجول وشراء بعض المستلزمات.. أو فقط لتغيير المكان والتفرج على المحلات والبضائع للترويح عن النفس.

§   التفكير والتأمل: الوحدة هي أيضا فرصة للتفكير والتأمل.. فلا يتردد الفرد في محادثة نفسه.. أنه شخص بالتأكيد سيصغي إليه.. لذلك يمكنه التأمل فيما قال وفعل ليتداركه بمحاسبة نفسه.



§   محاسبة النفس: وكذلك الوحدة تساعد المرء ليراجع نفسه ويصحح من مساره إذا وجد فيه ما يستحق ذلك.. وعليه أن يجعل من ضميره حياً ليعاتبه أن أخطأ في ظنه وقوله وفعله.. فلا يكن كالذي ليس لعتاب نفسه نفعاً.. لأن لا ضمير له يحاسبه.


الوحدة أفضل من الصحبة السيئة. لا توجد متعة في مصاحبة مغرور يشبه الديك الذي يظن بأن الشمس تشرق لأنه يصيح.. والفضولي الذي لا يكف من السؤال عن اخبار الآخرين.. والمتشائم الذي لا يرى من الحياة سوى ظلها.. وهكذا ينطبق على الكذاب والنمام والثرثار وغيرهم ممن لا يضيفون للحياة شيئا.

ولا باس من التعرف على مثل هؤلاء أو مرافقتهم خصوصاً إذا كان الإنسان مجبراً.. فعلى الأقل سيتعلم منهم ما لا يريد التفكير به أو قوله أو فعله لأنهم مثالاً سيئاً له.


أن المناقشة مع الآخرين تثري المعرفة.. إلا أن" العزلة مدرسة العباقرة " ادوارد جبون.. ومن لا يجد متعة في نفسه يبحث عن متعة وهمية عند غيره.. فقد يكون الفرد وسط حشد من الناس وفي أكثر الأماكن ازدحاماً بالناس ومع ذلك يحس بالوحدة لأسباب كثيرة.. مرتبطة باختلاف ظروفه أو مشاعره أو أسلوب تفكيره عمن حوله وغيرها من الاختلافات.. أو حتى لكونه مجهولاً بالنسبة لهذا الحشد.. وربما يكون أكثر ارتياحاً بانعزاله بعيداَ عمن يعرفونه.


العزلة

تمر على الإنسان فترات يتحول واقعه خلالها إلى أمر لا يطيقه وحياة لا يستطيع التأقلم مع من حوله.. قد تكون الأسباب حينها معقدة ومتداخلة بين مجموعة ظروف سيئة وإحباطات متكررة.. تدفعه للبحث عن الخصوصية والاستقلالية.. بغية التخلص من الضغوط النفسية خاصة إذا كان مصدرها العيش مع الآخرين.. أو لتهدئة نفسه من حدث كبير أثر فيه.. أو أن يكون عقله مشتت ويريد الوصول إلى خلاصة أو قرار يريحه.. فيرغب بالتوقف حتى يتبين له مسار حياته وكيف سيواصله.

 العزلة قد تكون لفترة محدودة من الزمن لسبب معين.. وهو قرار اختياري وتصرف واع ومخطط له.. أن انفراد الإنسان بنفسه هي وسيلة لتخطي كم هائل من السلبية والتعامل مع كمية غير منظمة من الأفكار.. فالهدف منها غالباً هو البحث عن بعض الهدوء والاسترخاء الذي يليه إعادة تنظيم الأوراق وترتيب الأولويات والخروج من نمط التفكير السائد الذي تحكمه العادات والتقاليد.. والورقة والقلم ضروريان لتفريغ الأفكار والتخفيف من ضوضاء العقل وزحامه وكذلك رؤية ما يدور فيه على الورق.

أو تكون العزلة لفترة طويلة وغير محددة يبتعد فيها الفرد عن الآخرين دون سبب واضح.. قد يرجع ذلك لإحساسه بالنقص أو العجز.. أو فقط لعدم الرغبة بالالتقاء بالآخرين.

حين يقضي الشخص فترة منعزلاً يكون لديه وقت كبير للتأمل.. يشكل هذا الأمر بيئة خصبة للإبداع والابتكار.. فيلاحظ ما لم يكن لينتبه له لو كان منشغلاً بأداء واجب ما.. فقد يتفاجأ الشخص بسلوكه وأفكاره التي اكتسبها في غفلة من محيطه.. يكون كمن يكتشف إنساناً جديداً بداخله.


ويفضل كل فرد خوض هذه التجربة بأسلوبه وبالمكان الذي يرتاح فيه.. فمن يفضل الأماكن المفتوحة كالصحراء لكونها ممتدة وواسعة.. وفيها من القساوة ما يهذب النفس ويلجم رغباتها.. ومن يفضل البحر لجمال منظره وتعدد ألوانه وتتيح حركة أمواجه فرصة التأمل لفترات طويلة.. بينما يفضل البعض الآخر الأماكن المغلقة كدور العبادة أو غرفة في فندق بعيد.. فيقضون وقتهم في الخوض في التأمل والخيال.





بلغ عدد متصفحي مدونة التقاعد والاستعداد له حتى تاريخ 4 – 9 - 2022
51006 متصفحاً